مقدمة
تُعد الأطراف الصناعية في السودان من أبرز القضايا الإنسانية التي برزت خلال الحرب المستمرة منذ أبريل 2023، حيث تزايدت حالات البتر بشكل ملحوظ نتيجة للعمليات العسكرية والانفجارات، مما فاقم الحاجة إلى دعم المصابين وتأهيلهم.
تشير تقديرات **منظمة الصحة العالمية (WHO) واللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) إلى أن السودان يُعدّ من بين أكثر 10 دول في العالم من حيث عدد مبتوري الأطراف بسبب الحروب والألغام الأرضية.
تزداد الازمات بشكل كبير في منطقتنا العربية مما يدعوا الي المزيد من تضافر الجهود الدولية والمجتمعية لمساعدة المصابين بشكل عام والمبتورين بشكل خاص. في هذا المقال سوف نلقي الضوء علي حجم المعاناة في السودان وكيف يمكن مساعدة إخواننا اللاجئين السودانيين في مصر خاصة من يحتاجون الي اطراف صناعية.
احصائيات صادمة عن مبتوري الأطراف في السودان
1- ضحايا الألغام والمتفجرات
– وفقًا لـمرصد الألغام الأرضية (2023)، يوجد في السودان أكثر من 2 مليون لغم أرضي منتشر في دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق.
– تُسجّل حوالي 500 إصابة سنويًا ببتر الأطراف بسبب الألغام، 40% منها من الأطفال (مصدر: اليونيسف 2022). هذا قبل الحرب فتخيلوا حجم الكارثة بعد الحرب.
2- أعداد مبتوري الأطراف
– تُقدّر وزارة الصحة السودانية (قبل 2023) عدد مبتوري الأطراف بأكثر من 50,000 شخص، لكن المنظمات الدولية تُشير إلى أن الرقم الفعلي قد يتجاوز 100,000 بعد الحرب الأخيرة.
– في دارفور وحدها، هناك ما لا يقل عن 30,000 حالة بتر بسبب النزاعات منذ 2003 (مصدر: مستشفى أبو شوك للتأهيل).
3- نقص حاد في الخدمات
– يوجد في السودان فقط 7 مراكز متخصصة في صناعة الأطراف الصناعية، أغلبها في الخرطوم، بينما تحتاج البلاد إلى 50 مركزًا على الأقل (تقرير ICRC 2024).
– 5% فقط من المحتاجين يحصلون على أطراف صناعية سنويًا بسبب نقص التمويل (تقرير هيئة الإغاثة السودانية).
4- أكبر موجة نزوح في العالم
– يعد السودان الآن بؤرة لأكبر أزمة نزوح في العالم، سواء داخل السودان أو في الدول المجاورة، خاصة النساء والأطفال، حيث يفر الملايين بسبب الهجمات المروعة التي تسببها الأطراف المتحاربة.
– بعد مرور عام فقط على اندلاع الحرب في السودان واستمرار القتال العنيف المتمدد في مساحات شاسعة بالسودان، تقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن الدول المجاورة للسودان تعيش أيضا واحدة من أضخم الأزمات الإنسانية وأزمات اللجوء وأكثرها تعقيدا على مستوى العالم.
أسعار الأطراف الصناعية والاثار الاقتصادية والاجتماعية
– سعر الطرف الصناعي الأساسي يتراوح بين $500 – $2000، بينما متوسط دخل الأسرة لا يتجاوز $50 شهريًا في بعض المناطق (البنك الدولي 2023).
– 78% من المصابين يعتمدون على المنظمات الإنسانية للحصول على أطراف مجانية.
– 60% من الأطفال مبتوري الأطراف لا يلتحقون بالمدارس بسبب التنمر أو صعوبة الحركة (اليونيسف).
– 45% من البالغين يفقدون وظائفهم بعد البتر (دراسة جامعة الخرطوم).
مبادرات محلية ودولية لمواجهة التحديات
رغم التحديات، هناك بعض الجهود الإيجابية، مثل:
– منظمات الإغاثة: تقديم أطراف صناعية مجانية عبر مستشفيات ميدانية في المناطق المتضررة
منظمات دولية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومراكز محلية مثل مركز “أبو شوك” في دارفور.
– برامج التأهيل المجتمعي: تدريب النازحين على استخدام الأطراف الصناعية وإعادة دمجهم.
– مشاريع محلية: محاولات لتصنيع أطراف بمواد محلية لتقليل التكلفة .
مصر والسودان … من النزوح إلى الأمل
منذ اندلاع النزاع في السودان في أبريل 2023، شهدت الحدود المصرية تدفقًا كبيرًا للنازحين السودانيين الباحثين عن الأمان والاستقرار. وقفت مصر، حكومة وشعبًا، موقفًا إنسانيًا نبيلًا، حيث فتحت حدودها وقدّمت دعمًا شاملاً في مختلف المجالات، لا سيما في المجال الطبي، ومنها توفير وتركيب الأطراف الصناعية للجرحى ومصابي الحرب.
1- دور الدولة المصرية – فتح الحدود والدعم الخدمي والطبي
– تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري إلى أن عدد السودانيين المقيمين في مصر تجاوز 5 ملايين شخص، بينهم نازحون ولاجئون ومقيمون لأسباب أخرى.
– تسمح السلطات المصرية للسودانيين بدخول البلاد بدون تأشيرة مسبقة، كما تتيح لهم التسجيل في المفوضية للحصول على وضع اللجوء.
– مصر استقبلت هذا العدد الكبير دون إقامة مخيمات لجوء مغلقة، بل سمحت لهم بالتنقل بحرية، والعمل، والدراسة.
– سمحت الحكومة المصرية للطلاب السودانيين بالالتحاق بالمدارس والجامعات المصرية. كما أُتيحت للنازحين خدمات إقامة قانونية مؤقتة قابلة للتجديد.
– خصصت وزارة الصحة المصرية مستشفيات ميدانية ومراكز طبية في أسوان وحلايب وشلاتين لاستقبال المصابين. كما قُدمت الرعاية المجانية لآلاف الحالات الطارئة، بما في ذلك العمليات الجراحية المعقدة.
– تخصيص مستشفيات حكومية، مثل مستشفى النصر للعيون ومستشفى الهلال الأحمر، لعلاج الحالات الحرجة مجاناً.
2- دور الشعب المصري في استقبال النازحين السودانيين
تميز الشعب المصري بتضامنه مع الأشقاء السودانيين، حيث:
– قامت العديد من الأسر المصرية باستضافة عائلات سودانية، خاصة في محافظات القاهرة والجيزة وأسوان.
– نظمت جمعيات أهلية ومبادرات شبابية حملات تبرع لصالح النازحين، شملت مواد غذائية وملابس وأدوية.
– قدمت الجامعات المصرية تسهيلات للطلاب السودانيين، مثل منح دراسية وتخفيضات في المصروفات.
3- مبادرات تركيب الأطراف الصناعية
– بالتعاون مع منظمات دولية ومحلية، تم إطلاق مبادرات لتركيب أطراف صناعية لضحايا الحرب، خاصة الأطفال والمصابين في القصف.
– كما نظّمت قوافل طبية متخصصة لتقييم احتياجات المصابين وتوفير العلاج التأهيلي.
– مؤسسة “الفضل ميديكال” المصرية أطلقت مبادرات بالتعاون مع المؤسسات والجمعيات الخيرية لتصنيع أطراف صناعية مجانية لإخواننا في غزة وفلسطين، كما تقدم مؤسسة الفضل ميديكال أطراف صناعية بأسعار منخفضة لمصابي الحروب.
يمثل الدور المصري في أزمة النزوح السوداني نموذجاً للتضامن العربي والإنساني. فبالإضافة إلى السياسة الحكومية الداعمة، برز دور الشعب المصري في احتضان الأشقاء السودانيين، كما تميزت مصر بدعمها الطبي، خاصة في مجال الأطراف الصناعية. وتظل هذه الجهود شاهداً على عمق العلاقات المصرية السودانية والتزام مصر بدعم الاستقرار في المنطقة.
أزمة تحتاج إلى حلول عاجلة
الأرقام تُظهر أن السودان أمام كارثة إنسانية طويلة الأمد. الحلول المؤقتة غير كافية، ويجب:
1- ضمان وقف إطلاق النار الدائم لتقليل الإصابات الجديدة.
2- زيادة التمويل الدولي لبناء مراكز تأهيل في كل ولاية.
3- دعم التصنيع المحلي للأطراف الصناعية لخفض التكاليف.
4- إدراج مبتوري الأطراف في برامج الحماية الاجتماعية.
بدون تحرك عاجل، سيظل آلاف السودانيين عالقين في دوامة الإعاقة والفقر بسبب نقص إمكانيات التعافي الأساسية.
الخاتمة
تظل قضية الأطراف الصناعية في السودان إحدى القضايا الإنسانية الملحة التي تحتاج إلى دعم محلي ودولي. فبالإضافة إلى توفير الأطراف الصناعية، يجب العمل على وقف النزاعات وبناء مراكز تأهيل مستدامة لتمكين الضحايا من العودة إلى حياتهم الطبيعية. بدون حلول جذرية، سيستمر آلاف السودانيين في المعاناة من إعاقات يمكن تجنبها أو معالجتها.
المصادر
اخبار السودان الان I الرأي السوداني
مواضيع متعلقة
كيفية الحصول علي أطراف صناعية باسعار معقولة دون التضحية بالجودة